أكبر مكبّ للنفايات على سطح الكوكب

وSEAVAX هو المستجيب الوحيد

انقر على هذا الرمز عند وروده في المقال للحصول على معلومات أكثر

قد تكون مكبات النفايات ظاهرة غير صحية وذات آثار مدمرة بيئياً، لكنها أمر لا مفر منه، فالطريقة الوحيدة للتخلص من النفايات عبر دفنها أو إعادة تدويرها هي جمعها أولاً في مكان واحد. ومع أن المكبات أقدم أشكال معالجة النفايات تاريخياً إلا أنها ما تزال موجودة في معظم الدول، حتى المتقدمة منها والتي تحسن التعامل معها والتخلص منها بسرعة مقبولة باستمرار على الرغم من كبر حجمها.

وفي الحديث عن المكبات الكبرى فالحقائق تستحق التوقف قليلاً.

 

هل ستتفاجأ إذا علمت أن أكبر مكب للنفايات على سطح الأرض يقع في المحيط الهادئ وليس على اليابسة؟!
أي أنه ليس مكباً رسمياً وسيستمر بالاتساع ما لم يتحرك العالم لمواجهته

 

"لم أصدق ما رأيت، كان منظراً مروعاً ومثيراً للاشمئزاز هذا الحجم من البلاستيك مجتمعاً"

بهذه الكلمات وصف القبطان تشارلز مور المشهد. فهو أول من اكتشف وجود مكب نفايات المحيط الهادئ عام 1997 أثناء عودته من هاواي بعد أن أنهى سباقاً للقوارب الشراعية بين لوس أنجلوس وهاواي.

وحدث ذلك بطريق الصدفة، إذ رأى القبطان مور وطاقمه خلال رحلة العودة يومها مسطحاً داكناً عملاقاً مرعباً في منطقة نائية من المحيط الهادئ ، ولم يعرفوا ماهيته في بادئ الأمر، ليتضح فيما بعد أنه جزيرة هائلة من النفايات البلاستيكية.

تقع هذه الجزيرة في وسط شمال المحيط الهادئ تقريباً في المنطقة ما بين 135º غرباً و155º غرباً، وبين 35º شمالاً و42º شمالاً بشكل تقريبي. وهي آخذة في الاتساع إلى يومنا هذا إذ تبلغ مساحتها اليوم ضعف مساحة فرنسا على أقل تقدير!

 

رقعة النفايات الضخمة في المحيط الهادئ:

إن وصف رقعة النفايات الضخمة في المحيط الهادئ بأنها جزيرة أمر خاطئ في رأي هولي بامفورد ، مديرة برنامج النفايات البحرية في الإدارة الوطنية لعلوم البحار والغلاف الجوي (NOAA) في الولايات المتحدة الأمريكية .

 "فلو كانت الأمور بهذه البساطة" على حد قولها، "لكان بوسعنا الذهاب إلى هناك وإزالة الجزيرة، ولو كانت كتلة كبيرة واحدة لسهلت مهمتنا كثيراً".

الأدق من وجهة نظر العلم أنها تشبه مجرة مكونة من المليارات من جزر النفايات الصغيرة التي قد تكون محتجبة تحت المياه ومنتشرة على مدى كيلومترات، ما يجعل دراستها أمراً صعباً إلى حد بعيد، كما أنها ليست بالكثافة التي تسمح برصدها عن طريق الاقمار الصناعية فهي في معظمها نفايات بلاستيكية عائمة.

"ما زلنا لا نعرف كم يبلغ حجمها بالضبط" تقول بامفورد، "سمعنا أقوالاً بأنها تعادل مساحة تكساس، ثم بضعف مساحة فرنسا، حتى أنني سمعت من يصفها بأنها قارة".

وبالفعل تفاوتت تقديرات مساحتها بين مليون إلى 15 مليون كيلومتر مربع، أي ما يصل إلى 8% من مساحة المحيط الهادئ، كما قدر أنها تحوي أكثر من 100 مليون طن من النفايات.

خطر النفايات البلاستيكية:

لكن وفي حين أنه مازال هناك الكثير مما لا نعرفه عن رقعة النفايات هذه، فإن المؤكد أن غالبيتها مكونة من البلاستيك ومن هنا تبدأ المشكلة. فالبلاستيك كما نعلم بخلاف معظم الأنواع الأخرى من النفايات، لا يتحلل بيولوجياً، أي أن الجراثيم التي تفكك مواداً أخرى لا تتخذ من البلاستيك غذاء لها، فتتركه يطفو في المياه إلى الأبد. كما أن أشعة الشمس تحلل أربطة البوليميرات البلاستيكية "ضوئياً"، لتحولها إلى قطع أصغر فأصغر، ما يجعل الأمور تتفاقم، لأن البلاستيك لا يزول على الرغم من ذلك، وإنما يصبح مجهرياً، وقد تأكله كائنات بحرية بالغة الصغر فيدخل السلسلة الغذائية، ما سيرتد في نهاية المطاف على صحة الكائنات الأخرى بما فيها البشر.

يأتي من اليابسة نحو 80% من نفايات الرقعة العائمة في المحيط الهادئ، معظمها أكياس وقوارير بلاستيكية ومنتجات استهلاكية متنوعة. كما تشكل شباك الصيد التالفة 10% من النفايات البحرية، وفق تقديرات الأمم المتحدة.

فيما تأتي البقية من ركاب الزوارق الاستجمامية ومنصات النفط البحرية وسفن الشحن الكبيرة التي ترمي في البحار كل سنة نحو 10,000 برميل ممتلئ بنفايات مختلفة، من شاشات الكومبيوتر إلى الألعاب وغيرها، وعلى رغم تنوعها وكثرة المعادن والزجاج والمطاط فيها، إلا أن البلاستيك فقط هو ما ينضم إلى مجرة النفايات، لأن معظم المواد الأخرى تغرق أو تتحلل قبل أن تصل إلى هناك.

كيف تشكلت رقعة النفايات؟

تتكون في المحيطات خمس أو ست حلقات لولبية ضخمة بفعل تصادم التيارات، أكبرها حلقة شمال المحيط الهادئ التي تغطي معظم المساحة بين اليابان وكاليفورنيا. وفي الجزء العلوي من هذه الحلقة، على بعد بضع مئات من الكيلومترات عن جزر هاواي، ترتطم المياه الدافئة الآتية من جنوب المحيط الهادئ بالمياه الباردة الآتية من شماله لتتجمع النفايات في منطقة الالتقاء.

تطلق بامفورد على منطقة الالتقاء هذه اسم "أوتوستراد النفايات"، لأنها تنقل القمامة البلاستيكية عبر ممر طويل شرقي ـ غربي يصل بين دوامتين تسميان "رقعة النفايات الشرقية" و"رقعة النفايات الغربية". ويكوِّن هذا النظام مجتمعاً ما اتفق على تسميته "رقعة النفايات الضخمة في المحيط الهادئ".

قد يستغرق وصول النفايات إلى هذه المنطقة عدة سنوات، وذلك يتوقف على المكان الذي تأتي منه، فقد ينجرف البلاستيك من داخل القارات إلى البحر عن طريق مجارير الصرف الصحي والجداول والأنهار، أو من الشاطئ. وفي كلتا الحالتين، قد تستغرق رحلته ست سنوات أو سبعاً قبل أن يبدأ الدوران في رقعة النفايات. أما شباك الصيد والمستوعبات الفولاذية فترمى مباشرة في البحر مع النفايات الأخرى.

 

تشير دراسة حديثة اليوم إلى أنه بحلول عام 2050 ستحتوي محيطات العالم على نفايات بلاستيكية أكثر من احتوائها على الأسماك.

 

التحرك المتواضع لمواجهة الكارثة:

قال القبطان تشارلز مور، مكتشف رقعة النفايات، إن عملية تنظيف هذه الرقعة من شأنه أن يعرض أي بلد للإفلاس ويقتل الكائنات البحرية في الشباك المستخدمة لهذا الغرض.

ولكن يبدو أن شركة بلوبيرد للأنظمة البحرية في المملكة المتحدة وجدت حلاً جزئياً لهذه المشكلة، فقد قدمت في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي في معرض الابتكار في لندن نموذجاً أولياً لقارب بيئي أطلقت عليه اسم SEAVAX.

SEAVAXمشروع SEAVAX فكرة مبدعة عن قارب ذاتي التحكم يعمل على الطاقة الشمسية يستطيع شفط ما يقارب 24000 طن من البلاستيك من المحيط كل عام دون إلحاق الضرر ببيئة المحيط، بسبب احتوائه على أجهزة استشعار خاصة لحماية البيئة البحرية. لكن هذا الاختراع ليس سوى الخطوة الأولى على طريق تنفيذ مشروع تنظيف المحيط فالمخترعون بحاجة إلى مزيد من التمويل من أجل توسيع قدرة SEAVAX لتبدأ بعدها أكبر عملية تنظيف في العالم.

 

هذه الفكرة، وغيرها من الأفكار الخلاقة المشابهة، هي ما نحتاجه اليوم لإنقاذ كوكبنا. فالتلوث على اختلاف أنواعه يسبب أضراراً هائلة للتوازن البيئي والنظام الحيوي في المحيطات، ويؤثر على كل ما هو حي فيها، من الشعاب المرجانية والسلاحف والطيور البحرية إلى الحيتان والدلافين والأسماك الأصغر حجماً، والإنسان ليس بمعزل عن هذه الأخطار وعلى البشرية أن تتخذ خطوات جدية إضافية لمواجهتها.

 

المصطلحات:

#1القبطان تشارلز مور
#2المنطقة النائية من المحيط
#3رقعة النفايات الضخمة في المحيط الهادئ
#4هولي بامفورد
#5الإدارة الأمريكية الوطنية لعلوم البحار والغلاف الجوي
#6الحلقات اللولبية
#7بلوبيرد للأنظمة البحرية

التعليقات:

مقالات أخرى من

مقالات متنوعة

تستخدم السفينة مياه البحر أثناء إبحارها (ويتم تفريغها بعد الانتهاء منها) لأغراض متعددة ومهام مختلفة، ومن الطبيعي أن تحتوي هذه المياه على العديد من الكائنات البحرية (الطحالب، الرخويات، دودة البحر، الأصداف الصلبة...إلخ)، والتي تدخل إلى السفينة بالتوازي مع دخول المياه...

مع أن معظمنا في المنطقة العربية لم يسمع من قبل عن المركب الأسطوري الشهير ماي فلاور إلا أنها بالنسبة للأمريكيين والإنكليز تحظى بالكثير من الاحترام والتقدير، وليس من المبالغة القول إنها كانت الشرارة الأولى لقيام ما يعرف اليوم بالولايات المتحدة الأمريكية، إذ نقلت هذه ...

        لطالما كانت المنارات جزءاً لا يتجزأ من عمليات النقل البحري في أيامها الذهبية. فقد أُنشئ وشيّد العديد من المنارات الجذابة في العصور القديمة يوم لم يكن تطور الهندسة المعمارية قد بلغ الذرى التي بلغها اليوم، ويتسارع المثال الداعم ل...

        ما من أحد يستطيع إنكار الأثر الذي تركته حادثة التيتانيك في التاريخ، الصدمة التي سببتها، الحقائق والفضائح التي رافقت خبر الغرق لفترة طويلة، والتحرك الدولي السريع لتبني اتفاقيات دولية تقي العالم حوادث مشابهة، بل إن غرق التيتانيك سرع تدويل العمل...

المكان: منطقة مضيق الأمير ويليام Prince William Sound، جنوب ألاسكا الزمان: 24 آذار/ مارس 1989. الحدث: تسرب نفطي لا سابق له في التاريخ. تفاصيل الحادثة: غادرت إكسون فالديز خط أنابيب ألاسكا في ميناء فالديز - خليج برودهوي محملة بـ 53 مليون غالون من النفط الخام ع...